لماذا نكتب؟

في كل يوم نكتب ونمارس هذا الفعل؟ لكن لماذا تعلمنا الكتابة ولماذا نكتب ؟

12/15/2023

لماذا نكتب؟

رحلة في أعماق النفس البشرية

ما أشبه النفس البشرية ببحر متلاطم عالي الأمواج، في كل لحظة ابحث عن نفسي لأعرف ما تريد، تتخطفني في ظلمات أعماقها، وهنا نشئ عندي أحد الاعتقادات بعمق تجربة النفس البشرية، فلا يمكن لهذه النفس بأن تكون ذو بعد واحد بل على الغالب لا يعرف لها حد، يوما بعد يوم تكون النفس في سعة وانتشار في أعماق الحياة، وهنا يتوجب علينا الحذر أن أردنا أن نكتشف عالمها، وكانت الكثير من محاولاتي تقربني إلى الموت لخطورتها.

أي موت أقصد؟ هو عندما أحاول أن اكتشف نفسي فلا أجد لها مستقر، وتتوالى الأفكار واحدة تلو الأخرى حتى أختنق من كثرتها، فلا أستطيع تميز الأفكار وما أشبه الموت بفقدان الأفكار، فكان السر أمر بسيط لم أكتشفه إلا بعد حين وهو القلم، القلم يملك قدرة على التنصل والولوج إلى ذلك العالم والخروج منه بسلام. لأن القلم هو السفينة التي تبحر وسط أمواج النفس

فالكتابة هي من أول الأمور التي يتعلمها الفرد ولكن تتطلب عمرا بأكمله, لمعرفة جواب هذا السؤال

لماذا نكتب؟

نكتب لنحافظ عن ذاتنا من الضياع

ولنكتشف أسرار الذات

ولنتذوق نكهة الحياة

تكمن الطامة الكبرى في عدم معرفة هذا الجواب والإعتقاد بأن الكتابة تكون لأجل المعرفة فقط، أو لرسم بعض الحروف وانتهى، وأن ننسى أن الكتابة رحلة في أعماق الذات البشرية ومن خلالها تتشكل معالم الحياة الأخرى.

كيف تكون الكتابة حفاظا لأنفسنا من الضياع؟

الضياع أشبه بسارق الأحلام، في كل لحظة حزينة وعند تراكم الأفكار يأتي هذا السارق ليقوم بعمله. واسمح لي أن أخبرك أنه محترف وخبير ولا يسمح بالتأخير أبداً. لذا يضيع الإنسان في كثير من الأحيان حين لا يكتشف القلم. وعدم معرفة أن الكلمات عندما تنساب على الورق تكشف عن الطريق ويتلاشى الضياع، فمهمة هذا السارق أن يخفي القلم وما يحمل من أسرار ليبقى الإنسان في سبات

جرب واكتشف

لتصل إلى أسرار الذات

عندما تفقد معنى الحياة ويحيط بك الضياع من كل جانب ويتساوى النور والظلام لأنك لأتملك طريقا تسلكه، هنا يبدأ القلم بالعجب، فينشئ أولا طريقا في أعماق النفس، وتبدأ المشاعى والأفكار بالانتشار حتى يتضح مسارها في هذه الحياة، فتجد أن الضياع كان وهما وأن الحبر هو الحقيقة، وتجد طرق مورقة وأخرى أصابها وابل، ونبدأ بالانتقال ما بين ظلمات ونور لنكتشف كيف هي الحياة، وأين يجب أن نكون وكيف نصنع من الدقائق تحفا لا تزول.

وكيف للقلم أن يذيقنا طعم الحياة؟

تكون الصور والمشاعر أشبه بالسراب، تختفي بعد لحظات ولا تترك أثرا، لكن القلم إن أمسك بها يحدد أطرافها، ويثبت خيالها فتكون هذه اللحظات واحة مورقة، تنير صحراء النسيان، وترى الإنسان يعود لتلك الخطوط التي خطها ويتذوق نكهات كانت قد نسيت أو اختلطت بغيرها فأصبح مذاقها مرا، لكن حين تكتب تلك المواقف وتدون بأسلوب مميز يحافظ على أصالتها ستبقى هذه النكهة محفوظة للكاتب وللأجيال من بعده

لذا يا صديقي قبل أن تمسك القلم وتكتب، تذكر لماذا نكتب؟ وكيف للقلم أن يملك معاني مخلتلفة، فهوة الخريطة المانعة من الضياع، ويملك مفاتيح النفس وأسرارها، وبه تحفظ الذكريات, عندما تكتب تكتب لتكتشف نفسك ولتكتشف الحياى من حولك, أحياناً لا نعرف الكثير حتى نبدأ بالكتابة

a pen and a pen on a notebook
a pen and a pen on a notebook