اليأس فكرة الشيطان

أشعر بأنامل الإحباط قد أحاطت بي٫ وأن روحي قد تملكها اليأس، ولم يبق مني سوى بقايا حرب،

2/24/20241 دقيقة قراءة

أشعر بأنامل الإحباط قد أحاطت بي٫ وأن روحي قد تملكها اليأس، ولم يبق مني سوى بقايا حرب، بعض الأشلاء المختلطة بالدماء وبعض الأفكار المتفحمة وأنصاف الحروف، نعم تركت الكثير من أفكاري حتى أكل عليها الزمان، وها أنا أقف من جديد، أحاول استرجاع ما تبقى مني.

ماذا وجدت حين تمكن مني اليأس

وجدت سطورا لم تنته وحروف لم تكتب، بل بقايا مقالات خطفها النسيان، أردت القول إن سبب هذا كله الخوف بعدها فكرت قليلا، مالي ومال الخوف؟ فلا يوجد ما يخاف منه الإنسان حين يكتب؟ وكانت هذه كذبة أردت تصديقها ولم أستطع. فقلت لنفسي لعل السبب الحقيقي انشغالي فلم يكن في الوقت متسع، وها أنا أحاول الابتعاد عن الحقيقة، أحاول الاختباء خلف أعمال ناقصة، أحاول الهروب من العدم إلى الفناء، ولكن صادفت أعظم مخاوفي هناك، بين ومضات الفراغ، كان السبب هو اليأس.

ما قد يفعله اليأس؟

بكل بساطة اليأس يصادق الأمل حتى يسلبه من بين طيات قلبي، فاترك في عالم لا يعرف الأمل ولا يشم رائحة الخلاص ولا يعرف ألوان النصر، أقصد كوني في ظلام ويحط بي الهدوء كالسبع الضاري يقتنص الفرصة للهجوم، ونعم لأني أحب الهدوء ومايحملة من راحة عادة، ولكن المفارقة أن هدوء اليأس ساتر على كثير من الخفايا، خلف الستار يتنمر الخوف وتسمع أصوات الفشل محملة بأنغام الخمول، نعم كما فهمت الآن،

فأنا أقصد الموت،

وتلك النهاية الأبدية التي دمرت طريق العودة.

فتركت حروف خاوية لا تحمل سوى قطرات الحبر

لماذا هدوء اليأس يشبه هدوء الموت ؟

لأن هذا الهدوء يرسل الأعمال إلى صفحات النسيان، ويوقف كل نبضات الشغف عن العمل، فتكون الحروف قد تعطلت في منتصف الطريق، وتتساقط الجمل من على حواف الأوراق، ويكون المعنى من ضرب الجنون

وهل يوجد ألم أعظم من هذا؟

قد يظن البعض أن الموت راحة، وهذا غباء أو جهل منهم أن قد توهموا أن الحياة واحدة والموت واحد

تعدد الموت والحياة

فهناك من يموت في اليوم بعدد الدقائق وبالمقابل هناك دقائق تعدل سنين من الحياة،

فأخذ هذا الألم ما أخذ حتى أصبح من القبح شكلي ما يفوق الوصف، وجهلا مني كنت أظن أن اليأس يكمن في الشعور فقط،

واتضح أنه أعمق تماما وله وجوه متعددة مثل الموت

حين اليأس يذبل وينقلب الجسد، فيكون ذلك الإنسان المفعم بالحياة جثة مخيفة يشمئز منها الجميع، بل وحتى أنها تلقى في باطن الأرض كوجبة عشاء للدواب.

اليأس فكرة الشيطان

دعنا نعد خطوة إلى الوراء، اليأس لا يتعدى كونه فكرة يلقيها الشيطان في إحدى زوايا الفكر، ويستمر في رعايتها حتى تضيء كالنجوم، ولكن بالنجوم يعرف المسار وهنا يكمن غباء الشيطان.

فهذا اليأس الذي أصابني كان نداء خفيا،

على أن أبدا الحوار

وتساءلت عن مغزى هذا الحوار، فكان حوار النفس، لأن الكثير من الإجابات التي تقتل اليأس تكمن في أعماق الذات

شعاع أمل

وإن محاربة اليأس تبدأ بالعمل،

اعمل لدقيقة فقط على ما تحب،

اكتب ولو سطرا،

بل حتى نفس عميق يستطيع أن يبعد اليأس،

خذ بعض الخطوات بحزم،

اليأس يعني الموت، والعمل يعني الحياة،

فيا صديقي أكثر من العمل المحبب، وعندها فقط تكون قد قتلت اليأس